14 مايو 2022
كتبه/ علي إبراهيم
شكلت الطرق التجارية منذ قديم الزمن شريانًا رئيسيًا للتبادل التجاري العالمي، وكان "طريق الحرير" واحدًا من الطرق الأساسية التي تبادلت من خلالها الشعوب مختلف السلع والبضائع حينها، ومع تنامي حضور الصين على الصعد الصناعية والتجارية والتكنولوجية، بدأت الحاجة إلى مبادرات لتسهيل عمليات التبادل التجاري، وعدم الاقتصار على الطرق التجارية التقليدية، وتحقيق المزيد من التقارب التجاري والثقافي مع مختلف البلدان التي تتفاعل تجاريًا مع الصين، لذلك أطلقت الصين بالتعاون مع العديد من الدول مبادرة "الحزام والطريق"، التي وصف بأنها "أيقونة التعاون العالمي".
توصف المبادرة بأنها محاولة "لتعزيز الاتصال الإقليمي واحتضان مستقبل أكثر إشراقًا"، عبر تعزيز التجارة ورفع حجم التبادل التجاري من حيث النوع والكم، والوصول إلى المرحلة التي يخدم فيها التبادل التجاري الحاجات المختلفة على الصعد الإقليمية والدولية، إضافةً إلى تسهيل نقل البضائع والخدمات والأشخاص بين مختلف الدول المشاركة في المبادرة، وهو ما سينعكس على تحفيز التجارة والنمو الاقتصادي، ويمكن اختصار أهم أهداف المبادرة في النقاط الآتية:
- بناء سوق كبير موحد، يفتح المجال أمام المزيد من التدفق التجاري بين مختلف البلدان والقارات.
- الاستفادة الكاملة من الأسواق الدولية والمحلية، ما يفتح المجال أمام حركة من الاستيراد والتصدير للمنتجات المحلية وما يتخصص فيه كل بلد.
- تحقيق المزيد من التبادل الثقافي، وهو تكامل يُبنى على القيم الإنسانية المشتركة، ما سينعكس على التفاهم والثقة.
- رفع حجم تدفقات رؤوس الأموال، ما يدفع نحو تطور عجلة الاقتصاد، وتحقيق المزيد من النمو الاقتصادي.
- تشجيع الابتكارات والمواهب الفردية، وإعطائها فرصًا لتحقيق طموحاتها ومشاريعها، والانخراط في العجلة الاقتصادية، ليصبحوا لاحقًا جزءًا من عملية التبادل التجاري والتطور الاقتصادي.
انطلقت المبادرة بشكلٍ رسمي في عام 2017، واضعةً تطوير البنية التحتية نصب عينيها، إذ ستسهم البنية التحتية المتطورة والمواكبة لآخر ابتكارات التكنولوجيا في تعزيز التبادل التجاري، وتحقيق الاستفادة الكاملة من المبادرة، ما يجعل الحزام والطريق أكبر مشروع لتطوير البنية التحتية في التاريخ، وحول حجم المبادرة وقعت نحو 140 دولة مذكرات تفاهم مع الصين، على أن تشمل المشاريع المباشرة أكثر من 68 دولة في آسيا وإفريقيا وأوروبا، تضم هذه الدول نحو 65% من سكان العالم، يمتلكون نحو 40% من الناتج المحلي العالمي.
وتقوم المبادرة على آثار طريق الحرير القديم، والطرق التي سلكها كبار المستكشفين والرحالة، من الرحالة العربي ابن بطوطة، إلى المستكشف ماركو بولو، وغيرهما من البحارة والرحالة، وتخطط الدول المشاركة في المشروع بأن تستحوذ الطرق التجارية المنضوية في المبادرة على نحو 40% من التجارة العالمية مع انتهاء المشاريع المرتبطة بها في عام 2049، وتقدر تكلفة هذه المشاريع ما بين 4 و8 تريليون دولار أمريكي، وتضم المبادرة مجموعة من الطرق البرية، وطريقًا بحريًا.
أما الطرق البرية تهدف إلى تسهيل التواصل ما بين الصين وأجزاء وسط آسيا وروسيا، وصولًا إلى أوروبا، وتتضمن ست طرق برية، أبرزها الجسر البري الجديد "الأوراسي"، الذي يمتد من غرب الصين إلى غرب روسيا، ويتضمن سكة حديد طريق الحرير وتصل إلى شرق أوروبا ومن ثم إلى ألمانيا، وممر الصين غرب آسيا، الذي سيمتد من غرب الصين إلى تركيا.
وإلى جانب الطرق البرية يمتد طريق الحرير البحري من الساحل الصيني وصولًا إلى ميناء في شمال إيطاليا، ويمر الطريق في موانئ في إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة، وجزر المالديف، وجيبوتي، وصولًا إلى البحر الأحمر عبر قناة السويس إلى البحر الأبيض المتوسط، ومن ثم إسطنبول وأثينا لتصل إلى وجهته النهائية في إيطاليا، ومنها إلى الدول في بحر الشمال. وتظهر امتدادات الطرق البرية والبحرية بأن المبادرة تسعى إلى تفعيل طرق تجارية تدعم بعضها بعضًا.
الطرق البرية تسمح بالوصول إلى أماكن جديدة، وفتح المزيد من الأسواق أمام التبادل التجاري، ما سنعكس المزيد من العمل في تحركات الاستيراد والتصدير، أما الطريق القديم يفتح المجال أمام تعزيز التعاون التجاري القائم حاليًا، وتطوير مساحاته وسقفه.
المراجع:
- سكاي نيوز عربي. https://bit.ly/3wkOTXu
- قناة الحزام والطريق xinhuanet. https://bit.ly/3sC1XXv
- arabic.news.cn. https://bit.ly/3Lc8Sgr
- شبكة طريق الحرير الإخبارية. https://bit.ly/3LjyKqJ