5 مايو 2022

كتبه/ علي إبراهيم

لم تعد عبارة "صنع في الصين" تترك الانطباع نفسه على المستهلك في الأخيرة، كما كانت تفعل منذ نحو 30 عامًا، فقد أصبحت العبارة مقرونة بالإبداع التقني والتجديد في التصميم، والمنتجات ذات الجودة والسعر المنافس، ما يجعل التصنيع في الصين وما يرتبط بها من تأمين حاجات المستثمرين لأي طلبات كبيرة صورةً عن قدرة عالية للتصنيع في بلد استطاع تحقيق استقرار في نسب النمو طيلة العقود الماضية، لم تستطع أي دولة في العالم تحقيقه.

هذا التفوق الاقتصادي والقدرة على تحقيق قفزات توائم بين ثنائية الوقت والجودة دفعت الصين لتتحول إلى "مصنع العالم"، وهو ما يدفع نحو التطلع على السمات التي ميزت الصناعة في الصين، وما هي الجوانب التي دفعت الصين للتفوق ومن بينها:

فهم ما يريده العملاء بشكلٍ دقيقٍ جدًا، وتقديم ما يريده من متطلبات، تتصل بشكل المنتج وتغليفه الخارجي، وصولًا إلى أدق تفاصيله، التي تنعكس إما على سعره وقدرته التنافسية، أو على جودته.

سرعة اتخاذ القرار، إذ تمتلك المصانع في الصين نظمًا إدارية مرنة، تواكب ما يريده العميل ومتطلباته.

التصنيع السريع للنماذج الأولية، ما يسمح للعملاء معرفة الشكل الأولي للمنتج، ويسمح لهم بالتعديل عليه ليصل إلى شكله النهائي في أسرع وقتٍ ممكن، وهي سمة مهمة للمصانع الصينية، التي اكتسبت شهرةً واسعة على صعيد السرعة وتلبية حاجات السوق المتتالية.

وعلى الرغم من أن العديد من هذه الممارسات ليست جديدة، ولكنها سمحت للمصانع في الصين التي تحولت إلى المحرك الصناعي الأضخم في العالم، أن تعطي المصانع في الصين أفضلية تنافسية داخل البيئة الصينية، وعلى الصعيد الدولي في الوقت نفسه، وهو ما دفع الشركات الدولية أن تتجه إلى التصنيع في الصين بشكلٍ متزايد.

ومن أبرز الجوانب التي كرست المصانع الصينية أحد اللاعبين المهمين على الصعيد العالمي، بعض التقاليد الصينية المرتبطة في العمل، ففي سياق تحقيق متطلبات السرعة والمرونة والجودة، تعمل رؤوس الأموال في الصين على قاعدة "إنشاء المصنع، ومن ثم البحث عن سوق التصريف"، وهي ثقافة أشارت إليها صحيفة الاندبندنت البريطانية، وهي نقطة أسهمت فيها الثقافة الشعبية، والتقاليد الصينية دورًا مهمًا في إنجاز النهضة الصناعية

الصينية، إضافةً إلى أن ميزة البحث عن العميل مع الاستعداد للإنتاج المباشر، يضطر المصانع الصينية إلى تخفيض نسب الأرباح في مقابل الحصول على عقود طويلة الأجل، وكسب زبائن لصفقات متتالية، ما يعطي للعميل فرصة أن يكسب موردًا دائمًا، يطور من خلاله منتجه، ولا يضطره إلى البحث عن مصانع أخرى مع أي منتج جديد يريد طرحه إلى الأسواق.

ولم يعد القطاع الصناعي الصيني محصورًا بمنتجات محددة كما كان منذ سنوات عدة، بل أصبحت الصين مركزًا أساسيًا للعديد من الصناعات المهمة والضخمة، على غرار صناعة السيارات، ومعدات النقل الضخمة كالقاطرات، والسفن، إلى جانب التفوق في صناعة المنتجات الإلكترونية الدقيقة من الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية والحواسيب والقطع المتصلة بها، وصولًا إلى الريادة في تطوير شبكات الجيل الخامس والأجيال القادمة منها.

هذه القفزات الصناعية التي حققتها المصانع في الصين والدعم الاقتصادي الكبير الذي رافقها، انعكست على حفاظ الصين على مكانتها كأكبر مركز تصنيعي في العالم للعام الثاني عشر على التوالي. ففي بداية شهر آذار/مارس أعلن وزير الصناعة وتكنولوجيا المعلومات شياو يا تشينغ أن القطاع الصيني حقق ما يقارب 5 تريليونات دولار أمريكي في عام 2021، ما يمثل 27.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للصين، 18.2% منها حققتها صناعة التكنولوجيا الفائقة.

المراجع:

صحيفة الاندبندنت عربية. https://bit.ly/38QvGoE

وكالة أنباء البحرين. https://bit.ly/3KFR6lL

شبكة ميدان. https://bit.ly/3Fgf3Ps